علمنا من صديقنا خليل الدمون ، رئيس الجمعية المغربية لنقاد السينما ، صباح يومه الأربعاء 20 فبراير 2013 ، أن الصديق محمد الدهان قد توفي بأحد فنادق طنجة اثر أزمة قلبية مفاجئة ألمت به ، ولم يشع خبر وفاته إلا بعد دفنه بطنجة من طرف أسرته .
ويعتبر الراحل الدهان ، الذي شارك بحيويته المعهودة في فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان طنجة الوطني للفيلم ، من فاتح إلى تاسع فبراير الجاري ، أحد كبار الجمعويين والنقاد السينمائيين الشفويين المغاربة الذين ناضلوا على الواجهة الثقافية داخل حركة الأندية السينمائية وخارجها .
لقد مارس ، رحمه الله ، التنشيط السينمائي منذ أواخر الستينات من القرن الماضي بمكناس والرباط ومدن أخرى داخل " الاتحاد المغربي للنوادي السينمائية " وبعده في إطار " الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب " ، التي يعتبر أحد مؤسسيها البارزين يوم 11 مارس 1973 إلى جانب الأستاذ نور الدين الصايل وآخرين ، وراكم تجربة معتبرة في تنشيط جلسات مناقشة الأفلام وفي تسيير الندوات العلمية المرتبطة بتخصصه السوسيولوجي أو المشاركة فيها . إلا أن ما يلاحظ عليه وعلى غيره من كبار أسماء حركة الأندية السينمائية بالمغرب وثلة من المثقفين المغاربة البارزين هو ندرة نصوصه النقدية والثقافية والعلمية المنشورة . فلم يعط الراحل قيد حياته أهمية كبرى لتدوين أفكاره وتحليلاته ومواقفه وتصوراته لواقعنا الثقافي والفني ، ورقيا أو إلكترونيا ، الا في السنوات الأخيرة ، حيث نشر بعض المقالات والأبحاث السوسيولوجية والسينمائية وفتح مدونة خاصة به على الشبكة العنكبوتية ، منذ نونبر 2009 ، ضمنها بعض كتاباته المتمحورة حول السينما والتلفزيون تاريخا ونظرية وأخبارا وتغطيات وغير ذلك .
لقد تربى الصديق محمد الدهان ، رحمه الله ، في أحضان حركة الأندية السينمائية منذ كان تلميذا بالثانوي في مكناس ، وزاد ارتباطه بهذه الحركة عندما انتقل إلى الرباط لمتابعة دراسته الجامعية في الفلسفة وعلم الاجتماع والأنتروبولوجيا وغيرها من العلوم الإنسانية حيث تحمل مسؤولية تسيير أول مكتب وطني لجامعة الأندية السينمائية برئاسة صديقه نور الدين الصايل وعضوية الراحل غازي فخر وآخرين ، وكان واحدا من الذين أسسوا تظاهرة السينما الإفريقية بخريبكة سنة 1977 إلى جانب الصايل وغازي وأطر النادي السينمائي بخريبكة والمكتب الشريف للفوسفاط كعبد الحق بوزيد وغيره .
شاهد الراحل الدهان المئات من روائع السينما العالمية وقرأ العديد من الكتب والمجلات السينمائية وشارك في جملة من الندوات ولجن التحكيم والمهرجانات السينمائية الوطنية والأجنبية ونشط العديد من جلسات مناقشة الأفلام ونظم تظاهرات علمية جامعية ونشر بعض المقالات في منابر مختلفة وأنتج ونشط من 1987 الى 1990 برنامجا تلفزيونيا بعنوان " الشاشة الكبرى " بالقناة الأولى للتلفزيون المغربي ، استضاف من خلاله العديد من وجوه السينما الوطنية والعربية والعالمية . وكان حضوره في أي مهرجان سينمائي يعتبر مكسبا نظرا لما كان يضفيه من حيوية ملحوظة على الجوانب الثقافية للمهرجان بفضل ثقافته السينمائية الموسوعية وتدخلاته العميقة في الندوات وجلسات مناقشة الأفلام وغيرها . كرم علميا في ماي 2012 بكلية الآداب والعلوم الانسانية أكدال بالرباط حيث كان يعمل كأستاذ للتعليم العالي متخصص في السوسيولوجيا ، بقي تكريمه سينمائيا بالتفكير في تجميع نصوصه النقدية ودراساته المبعثرة هنا وهناك في كتاب ليستفيد منها عشاق السينما وطلبتها .