نظمت جمعية الفكر التشكيلي، بتنسيق مع جمعية أصدقاء الشاعر محمد الطوبي للثقافة والإبداع، و بشراكة مع ممديرية الفنون بوزارة الثقافة، لقاء احتفائيا بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر الكبير محمد الطوبي، و ذلك مساء يوم الجمعة 18 يناير 2013، ابتداء من الساعة الرابعة مساء برواق محمد الفاسي و القاعة الوطنية باحنيني بالرباط.
استُهل الاحتفاء بجولة جماعية في رواق لواحات و دواوين المرحوم محمد الطوبي ورسائله مع كبار الأدباء أمثال: محمد شكري، محمد زفزاف، أدونيس،عبد الوهاب البياتي، محمد برادة. في نهاية هذه الجولة تقدم محمد لعوينة عن جمعية أصدقاء الشاعر محمد الطوبي بقراءة في لوحات المحتفى به، أكد فيها على عمقها الفني و الإبداعي، المعتمد على تقنية الكولاج و الخط و كذا الألوان، و التي تضفي على اللوحات دلالات تتماوج بين الألم والأمل، إنها تعكس بحق رؤية محمد الطوبي للعالم.
لينتقل الحضور إثر ذلك إلى قاعة باحنيني، للاستماع لكلمات افتتاحية، ثم شهادات، ثم قراءات، ثم بيان ختامي.
أبرز المتدخلون في كلماتهم الافتتاحية أهمية هذا الاعتراف و الاحتفاء بشاعر من طينة محمد الطوبي؛ إذ أكد منصور عكراش في كلمته عن مديرية الفنون بوزارة الثقافة أنه تم قبول دعوة المشاركة في هذا الاحتفاء لأمرين:
- تجند وزارة الثقافة وراء خدمة الإبداع
- لأن الراحل رمز من رموز الإبداع المغربي، شعر وتشكيلا.
و من جهته أكد ممثل جمعية الفكر التشكيلي على متمنياته أن تحظى إبداعات الراحل برعاية وزارة الثقافة. أما كلمة جمعية أصدقاء الشاعر محمد الطوبي، فقد تحدث فيها مصطفى النافي عن سياق نشأة الجمعية، و التي جاءت في الذكرى الأربعينية للراحل، كما أنها لأول مرة تحيي ذكراه خارج مسقط رأسه " القنيطرة " و في ختم كلمته أبرز أن محمد الطوبي ليس شاعر المغرب فقط و إنما هو شاعر العرب قاطبة. كلمة مصطفى لكليتي عن اتحاد كتاب المغرب – فرع القنيطرة – عضدت كل ما قيل، و على رأسها طبع الأعمال الكاملة والمخطوطة و كذا اللوحات التشكيلية للراحل محمد الطوبي. كلمة حلقت في سماء الشعر وهي تتوسل بالرقة و العذوبة، فالشعراء لا يموتون أبدا و إنما يستريحون تحت البرزخ قليلا، فهم صنو الفراشات و الألوان لأنهم يضفون على الحياة بهجة. ليختم كلمته بالقول " شاعرنا نم قرير العين، فقد بذرت بذور الحب و قد أينعت".
و قد جاءت الشهادات لتزكي كلام مصطفى لكليتي، حيث أكدت شهادة رئيس بيت الشعر بالمغرب نجيب خداري أن الشاعر الراحل محمد الطوبي كان شاعرا بوهيميا، لم يبال بالنقد، سواء في غيابه أو في مجاملته أو في إنصافه، فالشعر عنده كان مرادفا للحياة " هكذا يظل شعر الطوبي سيرته و ذاكرته التي لن تبلى ". وتلاه رفيق درب الراحل محمد الطوبي الشاعر إدريس عيسى، الذي قال كلمته شعرا، و الأمر نفسه لرشيد الياقوتي. في حين جاءت شهادة الطيب هلو التي و سمها بــ " محمد الطوبي: أيقونة الشعر المغربي " فقد تحدث فيها عن بداية علاقته الشخصية بالشاعر محمد الطوبي، التي كانت نقطة انطلاقها دواوينه الشعر، كما أنه كان و راء تسمية الديوان الشعري الأول للطيب هلو " قمر العتاب " و كذا لوحته التشكيلية. وفي صلة بموضوع التشكيل في المتن الشعري للراحل، تحدث الطيب هلو عن حضور التشكيل في أعمال الراحل من أربع زوايا:
- التشكيل الأنثوي ( صورة المرأة )
- تشكيل الصورة ( يعيد صياغة الجمال بطريقته)
- التشكيل البصري: يتمثل في الخط/ توظيف لوحات إضافية/ جمالية الأغلفة
- تشكيل الإيقاع: إيقاع عام تمثله الأوزان و القوافي، بلاغة الإيقاع: التجنيس/ الترصيع/ إيقاع التركيب/ إيقاع الحروف.
ليختم شهادته بنصه الشعري " ليل القنيطرة " إهداء للراحل.
أوضح الأستاذ الشاعر عبد الكريم الطبال في شهادته المسجلة، أن لقاءه بمحمد الطوبي كان بدءا من خلال أشعاره في السبعينات ثم من خلال رسائله ثم من خلال اللقاءات. و تحدث طي شهادته عن مجموعة من الميزات كان يتصف بها المرحوم إنسانا و شاعرا نوجزها في ما يلي:
- محمد الطوبي تخرج من ذاته و لم يتخرج من الجامعة
- يمتلك لغته لم يتطفل عليها
- يعرف معنى الشعر و معنى اللغة
- شعره مموسق، الإيقاع منبوت في لغته
- شاعر بوهيمي غجري، ينتقل من بلد إلى بلد، الأفق هو المرأة.
- لم ينحرف عن الطريق، ظل وفيا لنهجه
و في الشهادة الختامية المسجلة لابن الراحل المقيم بإسبانيا، شكر فيها الجمعيات المنظمة، وأكد فيها أن والده شاعر كبير بشعره و أصدقائه.
الجلسة الختامية، جاءت لتسلط الضوء أكثر على حضور التشكيل في المتن الشعري لمحمد الطوبي، تدخل فيها علي التازي بمداخلة بمداخلة بعنوان " تخلق النص الشعري عند محمد الطوبي: من الصوت الشعري إلى الخط الشعري" تقاطعت مع مداخلة محمد الشيكر، حيث توقفا مليا عن دلالة كتابة الحروف في بعض قصائد المرحوم، محاولين تقديم تأويلات لهذه الحروف النزفة تارة، و الثابتة تارة أخرى، فالرجل كان يعتبر الحروف كائنات حية، و هو ما يستلزم زحزحة آليات قراءتنا للإلمام بالتمظهر الخطي لمحمد الطوبي، تشكيلا وشعرا. أما مداخلة عبد الصمد لقاح " الصورة والشعر: دراسة سوسيولوجية " فقد توقف فيها عند دلالة الصورة في الثقافة العربية الإسلامية، انطلاقا من الأحاديث و القرءان، لينتقل بعدها إلى سيكولوجية الصورة، ثم ختم كلامه بالحديث عن الخط وكذا دلالة الحروف.
و في الختام تلا محمد الدوسليمي بيانا أكد فيه على ما يلي:
-نشر الأعمال الكاملة للراحل، شعرا و تشكيلا، وكذا دواوينه المخطوطة التي لم تنشر بعد.
-إطلاق اسم الراحل على أحدى الفضاءات الثقافية