في ضبابِ الأُفُقِ الهاربِ منكِ
تَتناغمُ فُصولُ الحزنِ الفرِحِ؛
بينَ لقاءِ الغيابِ.. وَ.. غيابِ اللّقاءِ
يَلوحُ مَعبدُ روحِكِ تُحفةً
تَحُفُّهُ هالةٌ مِن سُكون
يَفوحُ في انسِكابِ ندًى..
شَوقٍ .. عَطِرٍ
وَفي مِحرابِ اللّحظةِ
تَجثو أَحلامُ كافرٍ
تَتزاحمُ في غَفلةٍ مِن غُروبِ إيمان
*
مَلاذِيَ
- في عِتابِ المَوتِ وَعِقابِ الحياةِ -
كَفْكِفي حورِيَّاتِ المُقَلِ بِندى كَفَّيْكِ،
وَلا تَسْليني؛
حينَ لا يُجْدي سُؤالُ السَّلوى سرابًا
ساهِريني
على
صَليلِ صَمتٍ
تُناكِفُهُ غَشاوةُ غَفوةِ اللّيلِ
غَافِلي نوافِذَ هَذَياني التَتراقصُ بِهَفهَفَةِ رِقّتِكِ..
يا مَنْ كُنتِ جِرارَ أَمسيَ الآتي
وَغَدوْتِ أَنفاسَ غَديَ الماضي
اُسْكُبيني
في كأسِكِ الطّافحِ بِزبدِ ضَياعي
وَلا تَسْقِنيها
*
آآآآآآآآآآآآآهٍ
ما أشْقاهُ حينَ يَثمَلُ الأملُ..
أنتِ.. وَ حْ دَ كِ:
وَجْدُ.. وَحْدي
عِطرُ.. عُمْري
مَسْرَحُ.. جِنِّي
اِزْرَعي سَكرةَ دمي بِخيالاتِ الفرَحِ
شاغِليني بِمُرِّ عَفوِكِ
لِتَفيضَ أقمارُ عَينيْكِ
نورًا.. بَخورًا
على هِضابِ الحُروفِ..
تَراذذي عطورَ أَملٍ
على ضِفافِ صوْمعةٍ
يُضمِّخُها موّالٌ كئيبٌ
*
أَيا راعيةَ حقولِ القلبِ: أَما حانَ القِطافُ؟
على سُفوحِ التّرقُّبِ
تونِعُ ابتساماتُ براعتِكِ يراعًا
تَتدحرَجُ
ثمارَ فرَحٍ
إلى سلالِ اللّحَظات
*
تعالَيْ..
تَتبّعي رفيفِيَ العَسلِيَّ
إلى مِنحلَةِ الصَّفاءِ..
هذا الأسوَدُ النّاصِعُ بِكِ
رَمادُ مارِدي
تَطوفُ من حولِهِ يَعاسيبُ صَوتِكِ
تَبلُّ بِحنانٍ
لسانَ القلمِ اليَصْهلُ:
"أُحِبُّكِ"
خليّةَ القلبِ لاغِفيها
هَيْهات...
هَيْ... هَااااات...
تَملئينَ خَواءَها بِشَهدِ بَنَفسجِكِ
عَنْدِليني بِلفتاتِ هَزارِكِ..
لا تُ مَ زِّ قِ ي شِغافِيَ بِطَنينِ الخوفِ
لِئلاّ أَندثِرَ في تَزوْبُعِ الأحزانِ
*
أَيا راعيةَ الفُؤادِ
سرِّحي غزالةَ قلبي شادِنًا
في مَراعي الغزَلِ
لأُغافِلَ وَسَنَ النّجومِ
لأَنْجُمَ سَماءَنا بِقُبلِ أسمائِنا
تَتَشابكُ لثْمًا
تَتواشَجُ وَهجًا
فوقَ
انسِكابِ روحِكِ
شُعاعاتُ سَحَرٍ ناعسةٍ
تَغمُرُ عيونِيَ
تَنهمِرُ
موسيقا تَتغنْدرُ
تَهفو في انسِيابِ البوْحِ
على
إيقاعِ رَنينِ كَأْسيْنِ توّاقيْنِ للعِناق
*
أَباريقُ روحي مُترَعةٌ بِكِ حتّى الجَمامِ
تَطفحُ حُبًّا..
تَرشحُ شِعرًا..
وَيْحي إنْ تَحترِقْ أسرابُ عَنادِلي
في اشتعالاتِ بوْحِكِ
*
أيّتُها الضّوءُ الغمامِيُّ
اِخْتالي بهاءً في بَهوِ إلْحادي
لا تَسخري بِتَرانيمِ طُهرِي المَجروحةِ
بَلِ اقطُري بُؤبؤَ حياتي بِعَذبِ العذابِ
لوِّنيني...
مزِّقيني...
طرِّزيني برحيقِ هَواكِ
لَملِمي سُبحَةَ آلامي تَعويذةً
تُرصِّعُ صدرَ لوْعتي
وَتَبختري نِداءً يَهجعُ
في حناجِرِ ليليَ المَبحوحةِ
*
أيا سَماوِيَّةَ هُيامي
اِغزِلي وُشاحَ لَهيبي
طوِّقيهِ على جيدِ بَرْدِكِ المُتأجّجِ دوني
لأَنسَلَّ إِلْهامًا إلى حيثُ روحِكِ
وَشِّحِيني أَنغامًا بِسريرةِ سِحْرِكِ
اِعْتمِري قُدْسِيّةَ ابتِهالاتي
عَمامةَ اخْتفاءٍ
وَسُوحِي .. ملَكًا نورانِيًّا
يَقدحُ سحابِيَ قُزحًا
أوْ .. عصًا سِحريّةً تَزْرعُني نجومًا
في بَراحِ أكواني الكالحَة
*
يا طَفْرةَ النّعاسِ الأَخرس:
لآلئُ عَينيْكِ غُوايةُ براءَةٍ
تَنداحُ
سحابًا ساهيًا
يَهُزُّ مَهدَ وَجْدي في فَيافي البُعْدِ
يَروي مناهِلَ عيونٍ
غاصَتْ في تيهِ المناديل
*
رَحمةً بي..
رَحمةً بِتمْثالٍ أَعرجَ يَتصخّرُ
يَتعثّرُ في فُجورِ فجْرٍ
تتنافرُ نبَضاتُهُ في وَهَنِ الاحتمال..
لا تُطفِئي مشاعِلَ الشِّعرِ الغَضِّ
في أَروقةِ يأسٍ يزحفُ خوَرًا
بَلِ انهمِري حنانًا
يَنضحُني بطُهْرِكِ
فأبرأُ مِنْ يبابي
رحمةً باليَتَسَرْبَلُ أرْجوانَ الوجَعِ؛
تَخيطُهُ إبرةُ الشّغبِ بخيوطِ الشّغفِ..
لا تُرتّقي جِراحَ نرجِسي
بشوْكِ التّمنّي
لا تُزْغِبي أجنحةَ صلواتي
بأرياشِ الحسَراتِ
اُمْسُسي واحاتِيَ الذّابلةَ
بخُشوعِ همسةٍ
ولا تَعبثي بي
بَلِ ابْعثي أعراسَ الزّقزقةِ
زغاريدَ فرَحٍ
في مناقيرِ فِراخِ الحنينِ!
من كتابي الشعريّ الثاني "سلامي لك مطرا"