مبدعة رأت النور في مدينة بن احمد/ اقليم سطات.قاصة شاعرة جمعوية لها اسهامات فب أدب الطفل (اغنية و مسرح) تهوى الكاريكاتور و تمارسه ضدا على الصمت...في كتابتها نبض انساني و كبرياء عربي متأصل.كان لنا معها حوار شفاف باحت لنا فيه بما يلي، لنتابع:
ـــ مالكة عسال أول الحبو و خط المسار من و الى أين ؟
أولا أحييك أختي عزيزة على هذه الالتفاتة الطيبة ،وأقدر ما تجودين به من خدمات جليلة للأدباء.
أختي الكريمة:لقد تزامن أول الحبو في مجال الإبداع بالنسبة لي ،مع إحساسي العميق بقلق الوعي وشقائه ،نتيجة رفضي القوي لشراسة الواقع وسطوة عتماته،وكل ما يحول دون حرية الانسان وكرامته؛ فكان الانبثاق الآسر للقصيدة الأولى مع أزمة فلسطين و العراق حيث يدمر الطغيان الامبريالي بآلته العسكرية الهمجية ، تاريخ الانسان العربي، و يطمس معالم مهد حضارته و مجده وأصالته ...من هذه الرؤيا ولدت قصيدتي الاولى : "فلسطين" سنة 27أكتوبر 2003 وقصيدة "جراح " بتاريخ 30 اكتوبر 2010 أي بين القصيدتين 3أيام ...
ـــ متى جنَّح القنوط ذاتك المبدعة؟
تحت تأثيرصدمة هذا الواقع، تولّد البوح متمردا على التشظي والفقدان ، يرتق شرخ الذات بضمادات التوازن الهارب والمنفلت؛ حيث انبثقت شرارته الأولى، وأنا أدرك ماهية الجوهر الانساني،وأعي جيدا ما يعيشه الانسان من قهر ،ويعانيه من وطأة الخسارات؛ فهو المصلوب على خشبة الحياة، تنهشه الحروب ويغتاله الإقصاء والتهميش والاستغلال، يتجرع مآسيه في صمت، مترنحا في رقصته كالديك المذبوح بقانون الغاب ،يجثم عليه صقيع الحيرة والقلق والاغتراب ...، تفصده نصال التشييء وسكاكين التيه والتشظي ...
ومع انكشاف حقيقة الأشياء والعالم حولي ، لبيت نداء دواخلي ، مرغمة على منح وجودي، مايستحقه من حياة، فجعلت من الألم الانساني وقودا لإبداعي الشعري والقصصي على السواء، فخلّقت عوالمي بكيمياءاللغة، وحيثما هناك لغة فهناك وعي ومواقف ورؤى...
ومن أجل هذا النداء الداخلي الخفي الساكن في دمي،و الطافح بكل قيم الخير والجمال والحرية والكرامة والتمرد والتجدد والإبداع ، وجدت لغتي تكلمني من خلال وعيها الشعري، الذي حلق ويحلق بي في آفاق رحبة، وما يفرزه التوتر الحاد من قضايا مصيرية موجعة...
ـ الى من أو إلى أين تهرب مالكة ساعة الشرود؟
حين يكبر السؤال ،وتضيق النفس ،وتتضخم الآلام،ويساورني الصمت الصاحي ،أهرب إلى خلوتي الهادئة، أتسكع في مفازات نفسي ،أرتاد حقول الحرف ،وأنغمس في ماء الكلمة ،لأصافح على ضفاف القصيدة أمل الذات الممكن ،وأحلق في أمدائها لأقنص الإمكان...
ــ مالكة و الترجمة أية علاقة ؟
الترجمة نشاط ذاتي مثله مثل أي إبداع آخر ،لها دور كبير في فتح آفاق الاطلاع على مختلف التجارب الأدبية العالمية ،وما تزخر به من آفاق معرفية وجمالية . دخلت غمارها أول الأمر كأي مغامرة جديدة غير آمنة،ولكن حين نشرت بعض النصوص المترجمة واستحسنها بعض النقاد ،ركبت صهوتها في تحد واختراق... متسلحة ببعض الآليات التي قد تساهم في معرفتي بها و إتقانها ،من حيث مراعاة النص الأصلي وعدم تغييبه ،و من حيث دقة اختيار المعجم المناسب...ولا أقول أني وصلت، فالترجمة كأي إبداع ،تنتظر مني الصقل والممارسة وسلامة الغوص ...وأجزم القول أن المترجم مهما دقق ،وبذل من مجهود لابد وأن تخونه الترجمة ...
ــ النقد بصيغة نسائية في المغرب، هل حقق مكانته و فرض أسامٍ ؟
أولا لتستسمحيني أختي عزيزة أن أعبر لك عن وجهة نظري الخاصة ؛ ليس في قاموسي البتة أدب نسائي وآخر ذكوري، فليس هناك نقد نسائي وآخر ذكوري ؛فالاختلاف يقتصر فقط على الجانب الفزيولوجي ،أما الجانب النفسي و ما يستتبعه من قلق وجودي وتوتر وحدوس ورغبة وغيرها ، فهي قواسم مشتركة بين الطرفين ،لأن القدرة على الوعي وما يختلج في النفس من توتر، وما تطمح إليه من آمال وأحلام ،تتشابه عند الرجل والمرأة ..والنقد كما سبق وأن قلت ،نشاط ذاتي، وحين أقول ذاتيا أخص بذلك الجنسين؛ لأن العملية الإبداعية يحكمها مدى اطلاع الناقد أو الناقدة على تجارب الآخرين ،وما يستوعبه كلاهما من مناهج ،ومايمتلكانه من تراكم معرفي و آليات التحليل، قادرة على تمزيق أحجبة النصوص والتوغل في خباياها واقتناص فيروزها ؛وقد يحصل الفرق نتيجة تفاوت القدرات من ناقد إلى آخر، أو من ناقدة إلى أخرى ،وليس من جنس لآخر،كما تريد أن ترسخه الثقافة الذكورية ،وقد أفرز النقد العربي إلى جانب النقاد الذكور ،ناقدات رائدات مثل" زهور كرام "ورشيدة بنمسعود "وعالية ماء العينين" وغيرهن كثيرات ...
ــ إذا كان لك هاجس أكبر من القلب هل تنصبين خيمتك داخله أم خارجه؟
قد أصوغ السؤال على الشكل التالي : هل المبدع يُحكم القبض على هواجسه حتى ينصب خيمته داخلها أو خارجها ؟؟؟ فالرؤى منفلتة وهاربة دائما ،يظل المبدع يطاردها ،للقبض عليها وتحرير ذاته من القلق والتوتر ،وهذا هو السر في الإتيان بالجديد ،والبحث عن الجيد ،والدأب على الخلق والإبداع ..ففي غياب الشروط والإمكانات،أعيش كغيري من المبدعات والمبدعين، تحت وطأة ما آمله وأحلم به وأرجو تحقيقه ،وصراعي في غياب الآليات والشروط لتحقيقه :إنها حالة من التشظي بين هاجس واقع مرفوض ،وهاجس واقع مأمول .. وبقدر ماتتناسل الهواجس بقدر ما يقع الكاتب في بؤرة من الأسرار الغامضة والمبهمة ،فيتعاظم القلق والوعي،وينطلق باحثا عن الوضوح ...
ــ لمن توجهين العتاب ؟
إلى كل من لا يحمل هم الإنسان..
إلى القلم إن كان خذولا أو متمسحا بالأقدام ، أومتملقا يبحث عن هدف مادي..،
إلى من يقتاتون على حساب مبادئهم ..
إلى الذين يلغون الآخر ،لتكريس النرجسية في أسمى معانيها ..
إلى الطغاة والقتلة والمهيمنين والمتسطلين ..
إلى الذين يطمسون الحقائق بإديولوجيات مصطنعة لتحقيق المصالح ...
ــ و صمت الحروف؟
إلى المظلومين ضحايا التهميش ،إلى المنبوذين المحرومين من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم،إلى الشهداء الذين قدموا أرواحهم قربانا في سبيل العزة والكرامة وسيادة الوطن ،إلى الطفل مشعل الغد ورمز المستقبل :ضحية هلهلة المقررات الفارغة ،والعنف وما يجري في الكواليس المفتقرة للشفافية ،إلى المرأة شقيقة الرجل ،المقيدة بأغلال الجهل والتسلط والقمع والاستغلال، ضحية الفكر العقيم المتوارث ،والنظرة النرجسية الأبيسية ،والتقاليد البالية الواهية،والأعراف المتسلطة ..
ــ لمن تنسجين نصوصك سماوات ؟
للقارئ فقط ...
ــ هل يجوز للمبدع أن يكون قيثارة فقط ؟
وعازفا وراقصا
ــ كلمة اخيرة ؟
أشكرك اختي عزيزة على هذا المنبر الذي أجلستني فيه منعّمة ..وأتمنى أن يكون الحوار في مستوى المطمح المطلوب ..وأن يجد القراء في غديره المتواضع صيدهم الثمين