الشاعر شفيق حبيب الصوت الغاضب القادم من الجليل الاشم ، الذي دفع ثمن مواقفه السياسية والوطنية وكتاباته الشعرية الملتزمة ، عودنا على قصائده السهلة الواضحة والمباشرة التي تصل حد التقريرية ، والرافضة للواقع الحياتي المعاش وللقهر الانساني ، الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني الباقي والمشتت في ارجاء المعمورة. وهي قصائد حادة جارحة واستفزازية وذات رؤية سوداوية ، نابعة وصادرة عن الاحباط واليأس والوجع الذي يلازمه بسبب فهمه الواعي لحقيقة الواقع السياسي والاجتماعي المزيف . وحقيقة ان مثل هذه الكتابة الغاضبة محببة لدي ، وقريبة الى نفسي وروحي لانها صريحة وصادقة ، ولا تجامل أو تنافق.
وقبل سنوات خلت تسنى لي قراءة قصيدته "العاهرون" المنشورة في صحيفة "الاخبار" النصراوية ، فوجدتها صرخة غضب في وجه الدجالين والمارقين والمتعهرين والمنافقين وتجار السياسة ، الذين يمارسون العهر والزنى الحضاري ، وتعري الذين ملأوا كروشهم وجيوبهم باموال الصمود ، التي كانت تتدفق عليهم في زمن العز الغابر .. الزمن الجميل، من الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية والاجنبية الداعمة لكفاح الشعب الفلسطيني.
وهذه القصيدة ملأى بالمرارة والالم والحدة والغضب العارم وتتميز بالوضوح والمباشرة ، وهي تذكرنا وتعيد الى اذهاننا "وتريات" مظفر النواب و"لافتات" احمد مطر وروائع احمد حسين الحادة مثل السيف.
وتبقى كلمة اخيرة ، ان حياتنا الادبية تحتاج لمثل هذا الشعر الحقيقي ، الذي يكشف الزيف والدجل القائم والسائد في واقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي ، ويصور بصدق المعاناة اليومية ، ويتمرد على الواقع ويطرح بديلاً ثورياً، اكثر نقاءً والتزاماً بالهموم والعذابات الفلسطينية والانسانية.