بقايا ! وذكرى ! والأَسى والفواجـعُ أنا المسجدُ الأَقصى ! وهذي المرابعُ
على الدّهـرِ ما هبّوا إِليَّ وسارعـوا لقـد كنـتُ بين المؤمنـين وديعـةً
وتحرُسنـي مِنْهم سيـوفٌ قواطـعُ يضمّـون أَحـنـاءً علـيًّ وأعْيُنـاً
فترتـجُّ من عزْم الزُّحوف المرابـع زُحوفٌ مع الأَيـامِ موصولةُ العُـرا
تجـودُ قُلـوبٌ بـالوفـا وأضالـعُ إِذا أعوزَ القـومَ السـلاحُ تواثبُـوا
يقـينٌ بـأنَّ الـمـرءَ للّـه راجِـعُ وعَـهْـدٌ مـع الله العلـيِّ يشـدُّهُ
وبالـدَّم تُجْلَـى ساحـةٌ ووقـائِـعُ وأنّ جنـانَ الخُلـد بالحقّ تُجْتَلَـى
فيُشـرقُ منهـا غَيْهَـبٌ ومطـالِـعُ مواكـبُ نورٍ يملأ الدهـرَ زحْفُهـا
فَتُصغِيْ لها في الخافِقَـين المسامـعُ وتَنشُـرُ في الدنيـا رسالـة ربِّهـا
فتخضّـرُّ ساحـاتٌ ذَوَتْ وبَـلاقـعُ وتنشُـرُ أنـداءً وتَسْـكُـبُ وابـلاً
* * * * * *
وما عـادَ في الآفـاقِ منهم طلائـعُ فما بالُ قومي اليومَ غابُوا وَغُيِّبـوا
فغابَـتْ مياديـنٌ لهـم ومصـانِـعُ وما بال قومي بدَّلوا ساحةَ الوغـي
فجالـتْ بهم أهواؤهـمْ والمطامـعُ وما بَالُهم تاَهوا عن الدرب ويَحَهـمْ
تُـردّدُهُ في كـل أفـق مـجـامـعُ فغـابَ نـداءٌ مـا أجـلَّ عَطـاءَه
فصـارَ لَهُـمْ ملء الديّـارِ مَراتـعُ وكانتْ مياديـنُ الشّهـادة ساحَهـم
وتندبنـي بين القصيـد المـدامِـعُ وفي كلِّ يـومٍ مَهْرَجَـانٌ يَضُمُّنـي
تُصَـبُّ وأرواحُ الشهـودِ تـدافِـعُ وكانـتْ دمـاءُ المؤمنـين غنيَّـةً
وأدمـعَ بكَّـاءٍ حَـوتْـه المضاجِـعُ فأصبَحْتُ ، ياويحي ، أَحاديث مَجْلسٍ
فصـارَ يُـدوّي بالشعـاراتِ ذائـعُ وكـان يُدوّي في الميادين جولـةٌ
دِمـاءً تُـرَوّى مِن غِناهـا البَلاقِـعُ وَكـمْ كْنتُ أَرجوأن تكون دُموعُهـمْ
* * * * * *
عليَّ ؟! لقـد سَاءتْ بذاك الصنائِـعُ أَيذْبَحُني أهُلـي و يَبكُـونَ بَعْدَهـا
وقَدْ عَزَّ في الأسواقِ منها البَضائِـعُ فَكَـمْ تاجـرٍ أَلقى بِلَحْمـيَ سِلْعَـة
وذاك يُـواريـه شِـعـارٌ مخـادِعُ فهـذا يُنـادِي بـالتجـارة جَـهْرَةً
بتيـهٍ ودارَتْ بَيْنَ ذاكَ المـصَـارعُ فغاصُـوا جميعاً بِالوُحُولِ وَغُيَّبـوا
* * * * * *
ولـكنّـنـي أُفْـقٌ غَنـيٌّ وواسِـعُ فما أَنا جُـدْرانٌ تَـدورُ وسَـاحَـةٌ
وحَـبْـلٌ متيـنٌ للمنـازِلِ جـامِـعُ يَـمُـدُّ ليَ الآفـاقَ وحْيُ رسـالـةٍ
مِنَ الطّيـب سَاحَاتٌ بها ومَـرَابـعُ ريـاضٌ يَرِفُّ الطيبُ منها وتغتنـي
ومِـنْ طيبَـةٍ وحيٌ إلى الحقِّ دافـعُ فِمـنْ مُهْجَةِ الإِسْـلام مَكّةَ خفقتـي
بيـوتٌ تـدَوِّي بالنّـداء جَـوامِـعُ ومـن كـلِّ دارٍ مـِنـبَـرٌ ومـآذِنٌ
تجـيـشُ وآمـالٌ غَلَـتْ وَوَدائـِعُ قُلـوبٌ لها خفـقُ الحيـاةِ وأضْلُـعٌ
إِذا اتّصلـتْ بين الدّيـار الشرائِـعُ تظـلُّ عُـروقي بـالحيـاةِ غنِيَّـةً
إِذا انتزَعْتني مِنْ ضُلوعي المطَامِـعُ وأَيُّ حَـيـاةٍ دونَ ذلـك تُـرْتجَـى
* * * * * *
ونـَادَى سِـوَاهُ نَرْتَجـي ونُصانِـعُ ونـادَى مُنـادٍ حَسْبُنَا كِسـرةٌ هِنـا
شعـارٌ يُـدَوّي أو ذليـلٌ وضـارعُ وطافتْ على الدُّنيـا الهزائـمُ كلُّهـا
ويَجْتَالُنـي مَـكـرٌ لـهُ وأصـابـعُ تَشُـدُّ عليَّ اليـوْمَ قَبْضَـةُ مُجْـرِمِ
تُـدَارُ وأَهْـواءٌ عَليْـهـا تَـنَـازَعُ وفـي كلّ يوم، وَيْحَ نَفْسي، مَسَارحٌ
وتُعْلـَنُ آمـالٌ عَلـيْهـا لَـوامِـعُ تُدَارُ خُيـوطُ المكْر خَلْـفَ ستارهـا
شِـعَـارٌ يُـدَوّي أو أمـانٍ روائـعُ ويَطْـوِي عَلى هُوْنٍ أسايَ و ذِلتـي
ويُطلَبُ نَصْـرٌ والنُّفـوس خَواضِـعُ تُمزَّقُ أَوْصَالـي وتُنْـزَعُ مُهْجتـي
عَليْها شُهـودٌ ضِامنـون وبـائـعُ يقولون " تحريرٌ " ويُجْرون صَفْقَـةً
لَتدميـر آمـالٍ : فَمعْـطٍ ومـانِـعُ يقولـون " تقرير المصيـر" و إنّـه
وقد مَهَّـدَتْ عَبْـر السنينَ الوقائـعُ يفـاوضُ فيه الشاةَ ذئـبٌ وثعلـبٌ
وأيـن هُـمُ ؟! إني إلى الله ضـارعُ يقولون : أهـلُ الدار أدرى بحالهـا
مـن الله عـزمٌ في الميادين جامـعُ وأهليْ ! وما أهلي سوى أَمَّـة لهـا
كأنَّهُـمُ البُنْيـانُ : عـالٍ ومـانـعُ وصـفٌّ يشدُّ المـؤمنين جميعهَهُـم
فكلُّ الذي يَجْري عَلى السّاحِ ضائعُ إذا لمْ تَقُـمْ في الأرض أمَّـةُ أَحمـدٍ
* * * * * *
خَطَـرْتَ وَشدَّتنـي إليـكَ النّـوازعُ حنانيـكَ يا أَقْصَـى ! حنانَيكَ كُلَّمـا
تُسَـدّ و أشـواقٌ إلـيـك تُصـارعُ فيـافٍ ترامـتْ بَيْنَنَـا و مَسَـالِـكٌ
وحوْلكَ غـافٍ لـو علمـتَ وقابـعُ تَمُـرُّ مَـعَ الذّكرى لتوقـظ أُمّـةً
وطرفـيَ من هُوْنِ المذلَّة خـاشِـعُ أُطأطئ رأسي ما خَطَـرتَ وأَنثنـي
وَوَشْوشَةُ الزيتـونِ منـكَ قَـوارعُ وأُصْغي ! ونجْوى البرتقال تهُّزنـي
يـردّدُهُ فـيـك الحمـامُ السواجِـعُ يعيـدُ لنـا العُتْبى حنـينٌ مـرجّـعٌ
تهيـجُ به بينَ الضلـوع الفواجـعُ فيـا أيها الأقْصـى أنينُـك موجـعٌ
فصبراً ومـا يُدريكَ مـا الله صانِـعُ حَنينـكَ أصـداءُ العصـورِ ولَهفـةٌ
* * * * * *
على جـانِبَيْـه دَمْـعـةً تتـدافَـعُ رجعتُ ! فناداني ! وعدتُ لكي أَرى
ولـكنَّ حُـزْني اليومَ طـاغٍ ودافـعُ وقال : إبائـي يحجـزُ الدمعَ كلَّـهُ
عزائـمَ أجيـال وزحـفـاً يُتـابـع جَرَتْ دَمْعةٌ في الأرض مِنهُ فَأَوْقَدتْ
ذُرَاهـا تُدَوِّي بـالجِهـادِ المجامـعُ تَخُوضُ مَيـادينَ الجِهـادِ وتَعْتَلـي
وهـذا كـتابُ اللّـهِ بالحقِّ سَاطِـعُ فَلَسْطِـينُ حقُّ المسْلمين جَميِعهـم