يخترق نهر الفرات مدينة الشاعر في سورية فيرسم صوراً حالمة تتعانق فيها الأزهار والأشجار تحت أضواء القمر .
يَلُوحُ بِشَطِّ الفُراتِ القَمَرْ
بِبُرْدِ مَلاكٍ يناغي البَشَرْ
عَشِقْناكَ يا نَهْرِنا في الزَّمانْ
كَعِشْقِ الرِّمالِ لِماءِ المَطَرْ
على مائِكَ السُّفْنُ تَجري وِئِيداً
تُكَرِّرُ في شاطِئَيْكَ السَّفَرْ
تَشُقُّ الدُّرُوبَ بِوَسْطِ المياهِ
كَرَكْبٍ بِأُفْقِ الصَّحارى عَبَرْ
وجِسْرُكَ كالعاشِقِ المُسْتَهامِ
رَنا يَرْتَجي حِبَّهُ المُنْتَظَرْ
يُراقِبُ كُلَّ خَيالٍ بَعيدٍ
يَلُوحُ سَراباً بِخَطِّ النَظَرْ
فُراتُ لأنْتَ حَنينُ القُلُوبِ
وعِندَ الشَّواطي حَفيفُ الشَّجَرْ
يَمُوتُ الغُرُوبُ على ضِفَتَيْكَ
وتَنْزَلِقُ الشَّمْسُ في المُنْحَدَرْ
فأرْقُبُ أوصالَها في المياهِ
تَذُوبُ بِبُطءٍ بِكَفِّ القَدَرْ
فأرْنُو لِذاكَ الجَمالِ الفَريْدِ
ويَرْنُو جَميعُ الذي قَدْ حَضَرْ
كأنَّ الغُرُوبَ على كلِّ أُفْقٍ
مروجَ شقيقٍ ووَرْسٍ نَثَرْ
فُراتُ سَبَرْتَ قُرُونِ الزَّمانِ
وصاحَبْتَ ذا الدَّهْرَ مُنْذُ الصِّغَرْ
فُؤادي عليكَ يَرِفُ رَفيفاً
كَطَيْرِ السُّنُونُو أتى مِنْ سَفَرْ
إذا ما النَّسيمُ سَرى في الرُّبُوعِ
يَطِيبُ الحَديثُ ويَحْلُو السَّمَرْ
وتَشْدُو الجَداوِلُ للحاضِرينَ
بِشِعْرِ "جَميلٍ " وشِعْرِ " عُمَرْ
فيمْسي المُعَنَّى خَيالَ هُيامٍ
يُحَلِّقُ فَوقَ بِساطِ الفِكَرْ
فُراتُ سَتَبْقى صَدىً هائِماً
يُغَنِّي غِناءَ القَطا إذْ عَبَرْ
نَبَعْتَ مِنَ الخُلْدِ قَبْلَ الحَياةِ
فَكُنْتَ نَعِيماً لِكُلِّ البَشَرْ