أيا ريح ما للموت تسفي وتسفعُ
تدوس على الأحلام لا تتلكعُ
وريح على درب الجنون مرابط
يعاقر موتا والرياح تَلَعْلَعُ
يكرّ على الأموات غير مدجج
فيكسب موتا نفعه ليس ينفعُ
يسل على الأموات حلما مسالما
ويقسو على لوامة تتخنّعُ
هبوبه هامد وجمره بارد
وليله فاسد وهمّه مترعُ
جنونك باتت هذه نفحاته
فهل أيهذا الريح لا تتوجعُ
أتدعوه حلما تستظل بفيئه
وترميه ظلما بالصدود وتقرع؟
وتسلمه للموت غبنا وتنتشي
فكيف تساوى ما يسرّ ويصفع؟
أياديك بيضاء الرعونة درّة
وقولك فيه صارم ليس يقطع
وتعلمُ ريحي أن قلبي متيم
متى ما تودِّعْ حبه ستودَّعُ
أياريح مهلا فالرياح عقيمة
وحسب رياحي أنها تتصدّع
فما لي عن الموت الصديق وحبه
فراق، ولا غير الردى متربّعُ
فِداك حياتي لا تقل ضل صاحبي
فصاحبك الغاوي غدا يتورّعُ
ودع عنك عذلي إن أردت محبتي
فإن خليلي شافع ومشفّعُ
وإني امرؤ تتيه في الهوس ليلتي
فيذهب تيهها جنون مشعشعُ
تبارزني الأموات بالحب والهوى
وتقرعني بالخطب إذ أترفّعُ
وتملأ أيامي عذابا بشهدها
ويرشق ريحي بالفلاة سُمَيْدَعُ
فأغدو إلى كأس الجنون معاقرا
وأشربها صرفا لعلي أَتَتَعْتَعُ
فتضحك كاسات وتلقي شباكها
وتزحف أموات إليّ وتهرع
ومثلي شقيّ لا يطيق فراقها
ومثلي مُعَنّى بالتي تتخلّع
فتلقى على صدري جبال ثقيلة
ويصبح ريحي جمرة تتفرقع
فلا شافيا إلا لُهَيْمٌ مدوِّخ
ولا صاحبا إلا دَدٌ يتقعقع