تقدير الذات والإبداع المتميز-د. ناهـد الخراشي
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
حياة أدبا

تقدير الذات والإبداع المتميز

  د. ناهـد الخراشي    

  إن من نعم الله علي العبد أن يهبه القدرة علي معرفة ذاته، والقدرة علي وضعها في الموضع اللائق بها، إذ أن جهل الإنسان نفسه وعدم معرفته بقدراته يجعله يقيم ذاته تقييما خاطئا ، فإما أن يعطيها أكثر مما تستحق فيثقل كاهلها ، وإما أن يقلل من قيمتها فيسقط  نفسه.


فالشعور السييء عن النفس له تأثير كبير في تدمير الإيجابيات التي يملكها الشخص،


فالمشاعر والأحاسيس التي نملكها نجد أنفسنا هي التي تكسبنا الشخصية القوية المتميزة أو تجعلنا سلبيين خاملين، إذ أن عطاءنا وإنتاجنا يتأثر سلبا وإيجابا بتقديرنا لذواتنا.


لا شك أن تقدير الذات من الأمور الهامة التي تحقق النجاح والسعادة وهو تقييم المرء الكلي لذاته إما بطريقة إيجابية أو سلبية، ويشير إلي مدي إيمان الفرد بنفسه وأهليتها وقدراتها.


وهناك فرق بين تقدير الذات والأنانية أو التكبر فتقدير الذات يدعوك إلي العطاء وتقدير الآخرين، إما الأنانية فتمنعك من النظر إلي الآخرين وإلي مواهبهم وملكاتهم وتحبسك في دائرة الأنا.


لقد خلقك الله ووهبك ملكات وطاقات تعينك علي تحقيق ما تتمناه، وليس عليك إلا أن تعرف كيف تستخدم هذه الملكات.


إننا نرقي برقي طموحنا المسيطر علينا، ونهبط مع تدني مستوي تصورنا، وليكن تفكيرك بشأن ذاتك متسامحا، ولتكن طموحاتك وآمالك عظيمة.


إن تقديرك لذاتك هو تقدير لكل ما تفعله وتقدم عليه، ويساعدك في مواجهة المشكلات وحلها.


قبولك لذاتك يفتح لك أبواب التأمل والمعرفة التي تقودك للنجاح ، وطريق قبول الذات يرتكز علي التخلص من جميع الأنماط السلبية بتكرار التأكيدات الإيجابية حتي تؤصل عادة التفكير البناء، وعدم إدانة الذات أو التحقير من شأنها، وأن تتحلي باليقين بالله وبأن ما تفكر فيه تحصل عليه وتجذبه نحوك.


 ولتقدير الذات تأثير عميق علي جميع جوانب حياتنا، فهو يؤثر علي مستوي آدائنا في العمل، وعلي الطريقة التي نتفاعل بها مع الناس، وفي قدرتنا في التأثير علي الآخرين، وعلي مستوي صحتنا النفسية.


إن إدانة الذات تحجب تدفق الخير عنك، وتسلبك حيويتك وحماسك، وتقدمك في الحياة إنها تجلب الإخفاق والبؤس في حين أن التصالح مع الذات يجلب البهجة والرفاهية.


إن تقديرك لذاتك هو الذي سيقودك إلي عيوبك، ويرشدك إلي حل المشكلات التي تواجهها وتستبدل ما هو صعب غير قادر التخلص منه إلي سلوك إيجابي بناء فعال محبوب


لدي الآخرين فتجذب كل ما هو خير وفعال وتصبح من ذوي الشخصية الجذابة التي يتطلع إليها الآخرون وينجذبون إلي نجاحها مما يقودك إلي فتح أبواب السعادة والإبداع المتميز.


 والإبداع هو المجيء بشيء جديد غير مسبوق والوصول إلي نتائج لم تكن معروفة من قبل، وهو القدرة علي حل المشكلات بأساليب جديدة. وتتمثل مساراته الأساسية في نقد الأفكار القديمة وتحليلها وفي تقديم أفكار حديثة وإضافة تفاصيل جديدة للمعلومات السابقة في أمر من الأمور  أو ما يمكن أن نسميه (بتوسيع دائرة المعرفة).


ومن أهم خصائص الإبداع: القدرة علي اكتشاف علاقات جديدة، الربط بين العلاقات الجديدة والقديمة التي سبق لغيره اكتشافها، وتوظيف العلاقات الجديدة لتحقيق أهداف معينة.


خصائص  و سمات الشخصية المبدعة :-


1. الذكاء. 


2. الثقة بالنفس على تحقيق أهدافه. 


3. أن تكون لديه درجة من التأهيل و الثقافة. 


4. القدرة على تنفيذ الأفكار الإبداعية التي يحملها الشخص المبدع. 


5. القدرة على إستنباط الأمور فلا يرى الظواهر على علاتها بل يقوم بتحليلها ويثير التساؤلات و التشكيك بشكل مستمر. 


6. لديه علاقات إجتماعية واسعة ويتعامل مع الأخرين فيستفيد من أراءهم. 


7. يركز على العمل الفردي لإظهار قدراته و قابلياته، فهناك درجة من الأنانية. 


8. غالبا ما يمر بمرحلة طفولة غير مستقرة مما يعزز الإندفاع على إثبات الوجود و إثبات الذات، فقد يكون من أسرة مفككة أو أسرة فقيرة أو من أحياء شعبية. 


9. الثبات على الرأي والجرأة والإقدام والمجازفة والمخاطرة، فمرحلة الإختبار تحتاج إلى شجاعة عند تقديم أفكار لم يتم طرحها من قبل. 


10. يفضل العمل بدون وجود قوانين وأنظمة. 


11. يميل المبدعون إلى الفضول و البحث وعدم الرضا عن الوضع الراهن.


 


ويواجه الإبداع بعض المعوقات والتحديات مثل:  


ضعف الثقة بالنفس لأن الذي لا يثق بقدراته ومواهبه يحجم عن تحمل المسئولية ويخشي من القيام بأي مبادرة أو مخاطرة مما يؤثر علي شخصيته ويصيبه الإحباط والضعف.


الإسراع في تقبل الأفكار: وهذا عائق كبير من عوائق الإبداع حيث أن معظم الناس لا يميلون إلي بذل الجهد في استقصاء الإمكانات أو اختيار البدائل ، ومن ثم فإنهم يتخلصون من عناء التفكير بقبول أي طريقة يجدونها أو أول حل يعثرون عليه مع أن من الثابت أن الأفكار العظيمة تأتي متأخرة عادة بعد  أن يتم تناولها بأبحاث عميقة.


التبعية للآخرين: ومن المعروف أن الإبداع سلوك لطرق جديدة، ومداخل مبتكرة، والتفكير بعقلية حرة وهذا كله يتطلب درجة من الاستقلال الفكري والنفسي عن المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وأن التبعية للآخرين في أفكارهم تسد أبواب الإبداع وتغلق الطريق أمام التفكير الحر المستقل إذ يكون التفكير تابعا للآخرين ويبتعد الإنسان عن سبيل التميز. والتابعين للآخرين يسألون من أين نبدأ ؟ وأين الطريق؟ أما المبدعون فإنهم يعلمون أنه ليس أمامهم طريق فخطاهم وأفكارهم الجديدة هي التي ستشق الطريق.


ضآلة المحصول المعرفي: حيث أن قلة المعرفة وعدم الإقبال عليها تحبط الإنسان وتبعده عن مسيرة الإبداع والتميز.


 


ويرتكز طريق الإبداع علي:


1. وجود الدافع والحافز


2. التركيز والاهتمام


3. المجال الرحب الذي يخلق سعة الأفق


4. تعامل خاص مع المعرفة حيث يسأل الإنسان نفسه كيف يتعامل مع المعلومات الجديدة وكيف تضيف له، وحضور المؤتمرات والندوات التي في مجال تخصصه مع متابعة أخبار الإبداعات والاختراعات الجديدة التي تثمر المجتمع رؤي وانطلاقات جديدة.


وعندما نتحدث عن التميز والإبداع نعني به الجهد والآداء الفعال الذي يجعل المرء ينفرد به علي الآخرين ويتفوق عليهم في عمله وآدائه لواجباته الوظيفية والمهنية والإجتماعية.


لذا نجد أن الكثيرين من المهتمين بالتميز والإبداع يصفون الشخص المتميز بصفات نفسية واجتماعية وعقلية تختلف عن غيره ، وفي دراسة حول الموظف المتميز نجد أنه يتصف:


1-أكثر ذكاء من الموظف العادي


2-أقدر علي الابتكار وحل المشكلات


3-أشد طموحا وتتوفر لديه عزيمة النجاح


4-اجتماعي ويتقن مهارات الاتصال


5-يحب العمل اكثر من الموظف العادي


ويسعي الإنسان للتميز:


1-احتراما لقيمته وعقله


2-لأن طبيعة المهن والأعمال في الحياة في ارتقاء  وتطور ونماء


3-ليبتعد عن الفشل والإخفاق 


4-لإيجاد قوة التحدي والإبتعاد عن السلبية والضعف


 وتحدد صورتك الذاتية مدي قدرتك علي العطاء والتلقي ومقدار تفاعلك مع تجارب الحياة وامكانياتها التي تواجهك.


إن لحظة الصدق والصفاء مع النفس، وتعظيم ما وهبه الله لك يفتح أمامك آفاق المعرفة وتملك مفاتيح كنز الحياة.. فتصبح حياتك عطاءا متجددا يثمر الأمل في غد ومستقبل مشرق يثمر تنعم به وينجذب إليه الآخرون .


 



 
  د. ناهـد الخراشي (2018-03-13)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تقدير الذات والإبداع المتميز-د. ناهـد الخراشي

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia