** لا يشك أحد في كون واقعنا الثقافي لسنة 2017 يعيش على إيقاع البياض، حتى لا نقول؛ الفراغ أو الخواء !.
لقد أثر ما سمي ب "البلوكاج" الحكومي على ميادين مجتمعية عديدة، كان من بينها ميدان الثقافة حيث لم نحس بها ولم نسمع لها رِكْزًا. وقد انعكس ذلك جليا في ثنايا مشروع ميزانية قطاع الثقافة لسنة 2016 / 2017. علما أن مشروع هذه الميزانية شكل صدمة قوية لأبناء القطاع والمهتمين به، نظرا لاعتبارات ثلاثة؛ أولها: هزالة الاعتمادات المالية المرصودة لمختلف بنيات الثقافة، وثانيها: ضعف الرؤية الاستراتيجية الثقافية التي عبرت عنها حكومة سعد الدين العثماني، وثالثا: غياب روح المبادرة والإبداع والابتكار والتحفيز.
لذلك كان وزير الثقافة والاتصال واقعيا وموضوعيا وشجاعا حين برر بنية هذه الميزانية في معرض تقديمه للميزانية أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب بقوله أنها "تُقدم في ظرف استثنائي"!.
والظرف استثنائي بصورة لا تناقش، لكنه، في الوقت نفسه، لا يبعث على الاطمئنان والتفاؤل، لأن ثقافتنا ليست بخير، ولم تراكم مكتسبات جديدة أو كثيرة، ولم تكشف بعد عن هويتها الوطنية الحقيقية.
مازال واقعنا الثقافي يطبع إدارته منطق الارتجال، ولغة الحيرة، وروح الكسل..
مازال هذا الواقع حقل تجارب!. وميدان حرب بين الأحزاب المتعاقبة على تدبير قطاعه الحكومي!.. بل وسجين الهيمنة الفرنكفونية!..
ومن ثمة؛ فإن القول بأن الظرف استثنائي، لا ينبغي أن يكون مدعاة للكسل، ولا للتبرير، ولا للتشاؤم. بل يجب التشمير عن السواعد، والإعلان، بالتالي، عن برنامج عمل حقيقي لا يستسلم للإمكانيات الضعيفة، ولا لضيق الوقت.
والبرنامج لن يخرج عن النقط التي سبق لنا أن طرحناها في أكثر من عدد من أعداد مجلتنا "طنجة الأدبية"، وهي الآتية:
• استحضار اللغة الوطنية والتاريخ والواقع بانفتاحه وأصالته..خلال العمل على تنزيل المشروع الثقافي للوزارة..هذا المشروع الذي يجب أن يكون ذا ملامح مغربية عربية أمازيغية إفريقية متوسطية.
• إعادة الاعتبار للمثقف المغربي (ماديا ومعنويا وإداريا وسوسيولوجيا)، وتمكينه من الوسائل الممكنة للمساهمة والمشاركة في تثوير ثقافتنا الوطنية وتسويقها إيجابيا خارج المغرب.
• إصدار صحف ومجلات ومواقع إلكترونية تهتم بالشأن الثقافي، مع تدعيم الصحف والمجلات الموجودة في الساحة الثقافية.
• دعم المسرح والموسيقى والمهرجانات الثقافية التنويرية.
• إعادة النظر في جملة معايير الدعم المالي للجمعيات الفنية والثقافية والإعلامية، مع محاربة كل مظاهر المحسوبية والزبونية والفساد التي رافقت هذه العملية منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
• تنويع معارض الكتاب، وعدم الاكتفاء بالمعرض الدولي للدار البيضاء.. خصوصا بالمدن الكبيرة كالرباط وطنجة وفاس ومراكش.
• خلق قناة ثقافية حرة بعيدة عن الصراع الإيديولوجي للدولة والأحزاب وجماعات الضغط.
• تطبيع المواطنين مع الثقافة في أبعادها المتعددة، تلفزيونيا وإذاعيا وفي المدرسة والجامعة والشارع.
هذه أمور لا تحتاج إلى التذكير بها، لأن الحياة الثقافية عموما تقوم عليها، وتحتاجها بشكل دائم، من أجل التطوير والارتقاء داخل المجتمع.