النسخة ونحن صغار ، كانت تختلط لنا الاعياد والمواسم لحرص الأسرة على إحياء كل مناسبة بما يليق بها ، ونحن نقوم بالعد العكسي لشهر رمضان ، يتناهى إلى مسامعنا يوم النسخة - الخامس عشر من شعبان - بالنسبة لي هدا اليوم ارتبط بالموت ، حيث سمعت الكبار يقولون انه اليوم الذي تنسخ فيه الأرواح المرشحة لتغادر العالم بموتها خلال السنة السنة ،ولعل الرهبة كانت تأخدني في ذلك اليوم كنت اخاف ان اكون مرشحة للموت اصو أي أحد من أقاربي ، لكن سرعان ما كان يتلاشى هذا الخوف وأنا انغمس في طقوس هذا اليوم ، قبله كانت القصر الكبير محطة للعبور لضريح الولي الصالح المولى عبد السلام بنمشيش حيث تقام - العمارة - هاهي أفواج الحجيج تتقاطر على مدينتي كمحطة للانطلاق إلى الضريخ كل يبحث عن وسيلة نقل جماعات وفرادى ، محملين بزاد الرحلة ، يعلو محياهم رغبة الالتقاء بالولي ، بعضهم اعتبر زيارة الولي كحج للمسكين الذي لا استطاعة له بالقيام بفريضة الحج اعصود إلى المنزل وقد دبت فيه حركة غير عادية ، الكبار صائمون ، تنقض جدتي على احسن وأكبر ديك ، يستسلم لها بعد مقاومة ، تسلمه لأخي مع سكين طالبة منه الذهاب الى الحاج - مول الحانوت - ليذبحه وأنا أشيع الديك ، اقول هدا أول من نسخت روحه فسلام عليك ايها الديك وليرحمك الله ، وما هي الا لحظات حتى يعود اخي بالديك المذبوح وقد تدلى رأسه على رقبته لتبدأ عملية الترييش بالماء الساخن. كانت جدتي سيدة الموقف ذلك اليوم باصرارها على عدم التفريط في الجزئيات ، الرغائف معدة سلفا ، الديك تحول الى قطع في آنية تنبعث منها رائحة شهية انستني تعاطفي معه ، الحركة لاتزال دائبة في البيت ، قبل المغرب تنضد المائدة المستديرة نتحلق حولها نحن الصغار نتسابق الىص الأماكن ، إلا أنني كنت أتعمد أن أجلس بقرب جدتي أعرف سلفا أنها ستمنحني أكبر قطعة من الدجاج ، الذي يعتلي صحن - الفتات- الشهي الذي ضمخ في مرق الداجاج والبصل ، تمتد أيدينا الصغيرة إلى الصحن ، لا نبالي بالحرارة المنبعثة منه في اتجصاه أفواهنا ، اسمع جدتي تتمتم بتعاويد يرد عليها الكبار أمين ، بينما نحن لا نتوقف على الأكل والإزدراد ، توزع قطع لحم الدجاج ، تعود صورة الديك وهو يغادر المنزل في إتجاه حتفه ، سلام عليك ايها الديك يوم نسخت روحك ولحظة ازدرادك ، سلام عليك ..