يحل بهذا الشهر ( مارس ) اليوم العالمي للمرأة، و هي مناسبة تدفع بكثير من المجتمعات و الدول إلى استحضار أهم المنجزات التي تحققت للمرأة، و تلك التي حققتها المرأة نفسها، و ذلك على صعيد مختلف المجالات و الميادين.
و إذا كنا لا نختلف حول دور المرأة في إحداث التغيير الاجتماعي، فإن أدوارها الأخرى تحتاج منا إلى مساءلة مفتوحة و متواصلة و ممتدة في الزمان و المكان، لأن المرأة – و نحن هنا نتحدث عن الحالة المغربية – تبدو غير متحمسة لارتياد الصعاب، و غير معنية بشكل كبير بما يتفاعل في رحم المجتمع من صراعات سياسية، و تجاذبات ثقافية و اجتماعية، و رهانات اقتصادية، و معارك تاريخية في البحث عن الذات و الهوية و النوع.
إن المرأة المغربية تعد نموذجا في المقاومة بكل تجلياتها و معانيها و جبهاتها، حيث فرضت نفسها كاتبة و شاعرة و مبدعة، و طبيبة و محامية و قاضية، و عالمة و فقيهة و صحفية، و عاملة و موظفة و نقابية، و استطاعت أن تضع بصمتها المحترفة و المقتدرة على كثير من المهن و الوظائف الإدارية و السياسية و التربوية.. إلا أنها لم تنجح في أن تكون ندا للرجل من حيث عدد أفرادها.. إذ مازلنا نراها يتيمة و خجولة الاقتحام في أكثر من ميدان و قطاع مجتمعي، بالرغم من أنها تملك الكفاءة، و الإرادة، و الإصرار، و بعد الرؤية، و قدرة الاستيعاب، و سلامة الاختيار، و اتخاذ القرار.
و من ثمة، فإننا لا نذيع سرا إذا قلنا أن المرأة المغربية في مجال الإبداع الأدبي، لم تحقق بعد ما هو مطلوب منها كما و كيفا، علما أن تاريخها في سياق هذا الإبداع زاخر و متميز و ذو جودة عالية.. إننا نلمس نقصا فادحا في كتابتها الشعرية، و في إنتاجاتها الروائية و السردية، و فقرا ملحوظا في مجال الإبداع المسرحي، مما يدفعنا إلى القول أنها لا تعمل بما يكفي في اتجاة نحت أفق مفتوح و متنوع للعمل الإبداعي بمختلف تلويناته و مسالكه.
إن بناء الوطن و المواطنة بما يعنيه من تنمية بشرية، و انتقال ديموقراطي، و تقدم إنساني، و ازدهار اجتماعي و اقتصادي، يتوقف بصورة كبيرة على مدى مساهمة المرأة المغربية المبدعة في الكتابة و التعبير و الاقتراح في مجال المطالب الاجتماعية و السياسية لمختلف الفئات المجتمعية.. من هنا قد يكون لليوم العالمي للمرأة معنى و دلالة و صوتا و صورة و حركة.. و تكون المرأة عاملا فاعلا في التأسيس و البناء، و عاملا مشاركا و مؤثرا في إحداث التغيير و التحول داخل مجتمع مازال للرجل فيه الصوت العالي، و القرار الانفرادي.