** شرعت الحكومة مؤخرا في الكشف عن بعض المستفيدين من فساد الريع سواء المتعلق برخص النقل، أو بمقالع الرمال و الأحجار.. و هو عمل قد يؤتي أكله، إذا ما تبعته إجراءات عملية، تقوم على إعادة النظر في شروط منح هذه الرخص، و على إخضاع هذا المرفق الهام لمعايير الشفافية، و العدالة، و الحكامة الجيدة، و المحاسبة، و المتابعة القانونية و القضائية.. إنها معايير ذات منحى ديموقراطي و مؤسساتي، من شأن الالتزام بها قولا و عملا، أن ينقل بلادنا من عهد السيبة و الفرعنة، و الشطط في استعمال السلطة، و استغلال النفوذ، إلى عهد القانون و المساواة، و تخليق السلطة و ترشيد النفوذ و تقويم أدائه.
و إذ ندعو إلى الاستمرار في التمسك بهذا الخيار في تعرية واقع الفساد و المفسدين، فإننا أيضا نصر على أن يشمل أسلوب التعرية هذا، كل المرافق و القطاعات الحكومية التي تتلقى أموال الشعب أو تشتغل بأموال الفقراء و المعوزين المشكلين للسواد الأعظم من هذه الأمة.. و هنا نخص بالذكر المرفق الثقافي الذي يبدو أنه لم يخضع بعد لعملية تطهير حقيقية، حيث مازالت السحب الداكنة من الشبهات تحوم فوق سماء هذا القطاع، و مازال المسؤولون الجدد، يتواطؤون بوعي منهم، مع الخيارات التقليدية للتدبير المالي لهذا المرفق.. مما يدفعنا إلى أن نتساءل من جديد، عن المانع الذي يرغم المسؤول الأول عن هذا القطاع محمد الأمين الصبيحي، على مهادنة الواقع الثقافي المختل ؟ و التطبيع مع كل الظواهر السلبية التي تحول دون تنظيفه، و تنقية أجوائه ماليا و ماديا و خلقيا و أدبيا ؟.
إننا نطالب من هذا المنبر الحر و الصامد و المناضل " طنجة الأدبية " بضرورة الكشف عن طرق الدعم المالي لوزارة الصبيحي لبعض المنابر و الجمعيات و المنظمات العاملة في الحقل الثقافي ؟ و على أي أساس ؟ و وفق أي دفاتر تحملات ؟ و الكشف عن أسماء هذه الجمعيات الميتة ؟ و شبه الحية ؟ و المتحزبة ؟ و القريبة من هذه الدائرة النافذة أو تلك المتنفذة ؟.
إن أمام وزارة الصبيحي عمل مضاعف من أجل القطع مع مخلفات المسؤولين السابقين في تدبير شؤون القطاع الثقافي، و من أجل تنزيل شروط الإنصاف و المساواة المالية في التعاطي مع كل الفاعلين و العاملين في الحقل الثقافي إعلاما و فنا و مسرحا و أغنية و تشكيلا و تراثا و غير ذلك من مظاهر تعدديتنا الثقافية.
إنها معركة محمد الأمين الصبيحي الذي يجب عليه أن يصحح المسار، و يتصالح مع مكونات قطاعه.. و معركتنا أيضا في تقويم الاعوجاج، و كشف الفساد بدون هوادة، و الله من وراء القصد.. و كل حكومة و القطاع الثقافي في غير خير.