دروِيشيات ''رجلٌ حين أحبّ وطنه مَات وحين مَات أحبّه الوطن ..!'"
|
هاجر بلحاج
|
أيَا دروِيش , وأنتَ تُجانِب الصّورة,مُلتحفاً برداءٍ نُسِج حُزناً وحُباً , وجهكَ نوافذٌ مُشرعةٌ عَلى "وطنٍ", وفي عينيكَ "تنتظرُ الأزلَ" ..! أيَا دروِيش , وأنتَ تُجانب الصّورة ,هارباً من ضوءٍ "مُزيفٍ" لظلامٍ تنكشفُ فيه أنتَ بجبهتكَ المُنِيرة كنبيٍ قادمٍ من حِكاياتِ الأولِين , مُخبئاً يديكَ,كأنّكَ كنتَ تُحضرُ لمُفاجأة كُبرَى تشتت بها"فرعون زمانكَ" وقد فعلتَ فأخرجت إحداهُما "بيضَاء" .. الفرقُ الوحِيد ... أنها "لم تسُر النَاظرين"..! حينها امتدت إليكَ أيادٍ كثيرةٌ تبغِي قطعَ يديكَ فأنتَ تسرقُ "الضوءَ" ل"تنتجه" ...! المُضحك في الأمر, أنّك لم تكُن تسرقُ الضوءَ من الضحِية , بل من الجلادِ نفسه ... وتعيد تدوِيره لينتعم بنُوره "الضحية" ..! أيَا دروِيش , بعضُ القمحِ لا يحيَى إلا حِين يمُوت وهكذَا كنتَ أنتَ " حبّة القمحِ التي ماتتْ لي تخضرّ ثانيةً " ..! بعضُ النّاسِ لا يعُودونَ للحياةِ إلاّ حِين تُوضع فوقَ قبورهم شواهدٌ ساخرةٌ من قبِيل "هُنا يرقُد -بسلامٍ- من يدرِي إن كان يرقدُ بسلامٍ" وهكذَا كنتَ أنتَ فِي قبركَ ذَاك لا زلتَ تبعثُ برسائِل مُشفرة كُتبت بحبرٍ سريٍ , تهمسُ للأبدِية تُغازِلها بكلامٍ ما قالهُ شاعرٌ من قبل ,وتزورنِي في مَنامِي كُل تاسعٍ من أغسطسَ بوجهٍ يُشع بهاءاً فأبكِيك كمَا لم أبكِي أحداً من قبلُ وتبتسمَ "وفي موتِي حياةٌ مَا يا صغِيرتي .. وفي موتي حياةٌ مَا" ..! أيَا دروِيش , دمُوع الرثاءِ لا تكفِي .. وإكليلُ الكلِمات لا أجِيد تزيينهُ كما يجبُ ..! أغلالُ الحزنِ تُطوق خاصرتِي .. وأوطانُ الفرحِ فيَّ كمَا فِيكَ تُغتصب ..! وحدِي بينِي وبينِي أسكبكَ .. وحولِي ألفُ حرفٍ عنكَ ينسكبُ ..! عاشقةٌ أنَا لرجلٍ حين أحبَّ مَات .. وحِين مَات,عشقهُ حرفي المجنُون المُضطرب ...! ذَات اكتشافٍ, تورطت فيهِ وفي نظرتهِ... فلمحتهُ فِي قهوتِي يرُوح غادياً يُطِل ثُم يهرُب ...! وركضتُ باحثةً عنهُ فِي أسطرِه.. لأعلمَ أنّه مَا كَان يكتبُ أبداً .. بل كَان وربِ الكعبةِ "يُكتبُ" ..! أيَا دروِيش , بعض الحرفٍ لا يكتبُ..بعض الحرف تسمع فِيه صوت الأرض ينادِيك ... وهكَذا كنتَ "صوتَ الأرضِ الصّماء" فارقُد هُناكَ بسلامٍ ..! عَلى الهَامِش أقُول لكَ كمَا قَال خوسيه أنخل بالنطي حلمتَ بأن تكون شاعر المستقبل... بموتكَ حققت رؤياك... اليوم بإمكان الآتي أن يكلمكَ...
|